ما حكم جمع صلاة الظهر مع العصر بغير عذر
ما حكم جمع صلاة الظهر مع العصر ليس في حالة سفر و إنما للضرورة القصوى كأن يكون الإنسان في رحلة أو مهمة في العمل و هل ورد ذلك عن الرسول أنه جمع بغيرعذر؟ و جزاكم الله كل خير...
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و بعد:
أباح الإسلام جمع الصلاة، في أحوال معينة: هي السفر، والمرض، والخوف، والمطر، ولكلٍّ منها أحكام خاصة: من حيث نوع الجمع – تقديما أو تأخيرا -، ومن حيث الشروط والضوابط المتعلقة بها.
وجمهور الفقهاء – من المذاهب الأربعة وغيرهم - على عدم جواز الجمع لغير الأعذار المذكورة ، لأن مواقيت الصلاة ثابتة، والله تعالى يقول: { إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء:103]، وفي الحديث الذي أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود- رضي الله عنه – قَالَ: « مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى صَلاَةً بِغَيْرِ مِيقَاتِهَا إِلاَّ صَلاَتَيْنِ: جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ، وَصَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ مِيقَاتِهَا » - يعني في الحج -.
أما فيما يتعلق بحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- الذي أورده الإمام مسلم: « جمع رسول الله صلى الله عليه و سلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر » فقد قيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال أراد أن لا يحرج أمته »
معناه -والله أعلم- أن الجمع ممكن لضرورة كبيرة وعذر شديد، كطبيب في غرفة العمليات لا يستطيع خروجاً منها أو رجل إطفاء في أثناء تأديته عمله، ولا ينوب عنه غيره... فأراد النبي صلى الله عليه وسلم ألا يحرج هؤلاء في مثل حالاتهم، على أن يكون الأمر نادراً جداً، ولا يتخذ عادة.
قال النووي في شرح الحديث: (ومنهم من قال هو محمول على الجمع بعذر المرض أو نحوه مما هو في معناه من الأعذار، وهذا قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا، واختاره الخطابي والمتولي والروياني من أصحابنا، وهو المختار في تأويله لظاهر الحديث، ولفعل ابن عباس، وموافقة أبي هريرة، ولأن المشقة فيه أشد من المطر.
وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره بن المنذر، ويؤيده ظاهر قول بن عباس: أراد أن لا يحرج أمته فلم يعلله بمرض ولا غيره والله أعلم).
والله تعالى أعلم